هو عنترة بن شداد العبسي المضري، ولد في بلاد نجد حوالي سنة 525 م، لأب شريف من قبيلة عبس، وأم سباها شداد في إحدى غاراته، وتدعى زبيبة، وكانت سوداء اللون ومنها ورث عنترة سواده .
كان قومه يعايرونه دائما بسواده وعبوديته، لكنه كان يترفع عنهم بشجاعته وبسالته في القتال والحروب.
وقد حدث وأن أغارت إحدى القبائل على عبس، فطلب أبوه النجدة منه مقابل أن يعترف به، وقد أبلى عنترة بن شداد بسالة منقطعة النظير، وحرر قبيلته، وأعلى شرفها.
كان عنترة بن شداد يعشق ابنة عمه عبلة لكن سواده جعل عمه ينفر منه ويبعدها عنه، بل طلب منه مهرا تعجيزيا، وهو أن يأتي بألف ناقة، وبالفعل ذهب عنترة في رحلة طويلة إلى الصحاري، فواجه قطاع الطرق، والظروف المناخية القاسية، وانتهى به الأمر سجينا عند الملك النعمان، لكنه حرره بعد أن علم بقصته وأهداه الألف ناقة، وأحضرها عنترة في موكب مهيب جعل قبيلة عبس تهرع له وتعجب، ومع ذلك ظل عمه يماطل، ويكيد له.
إذا نظرنا إلى شعر عنترة بن شداد فسنجده متناغما ساحرا مهيبا، بل يكفي أن تنظر إلى معلقته الخالدة والتي تعتبر من روائع الشعر الجاهلي، حيث اجتمع فيها كل ما يجب في علو وجمال القصيدة العربية فكانت تنقسم إلى أربع مواضيع:
– الوقوف على الديار وذكر الأحبة .
– التغزل بعبلة .
– وصف الناقة .
– الفخر بشجاعة عنترة وبسالته .
هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَم
فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ
إنْ تغدفي دوني القناع فانني طبٌّ بأخذ الفارس المستلــــئم
أثني عليَّ بما علِمْتِ فإنني سمحٌ مخالقتي إذا لم أظلم
وإذا ظُلمْتُ فإنَّ ظُلميَ باسلٌ مرٌّ مذَاقَتهُ كَطعم العَلْقم
هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمي
إذ لا أزالُ على رحالة ِ سابح نهْدٍ تعاوَرُهُ الكُماة ُ مُكَلَّمِ
يُخبرْك من شَهدَ الوقيعَة َ أنني أغشى الوغى وأعفُّ عند المغنم
ومدَّججٍ كرِهَ الكُماة ُ نِزَالَهُ لا مُمْعنٍ هَرَباً ولا مُسْتَسلم
لما رأيتُ القومَ أقبلَ جمعهُم يتذَامرونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مذَمّم
يدعون عنترَ والرِّماحُ كأنها أشطانُ بئرٍ في لبانِ الأدهم
والخيلُ تقْتَحِمُ الخَبَارَ عوابساً ما بين شيْظمة ِ وآخر شيْظم
ذللٌ ركابي حيثُ شئتُ مشايعي لُبِّي وأجْفزُهُ بِأَمْرٍ مُبْرَمِ
لقد اجتمعت في عنترة صفات النبل والأخلاق والشجاعة ، فقد كان كريما في العطاء ، يكره الشح والبخل ، وكان لا يفحش في شعره ولا يتتبع عورات النساء ، وكان شعره في عبلة عفيفا يترجم مدى صدق مشاعر الفارس الأسود ، واستعداده لبذل الغالي والنفيس للظفر بقلبها .
تلك كانت نظرة موجزة عن أسطورة من أساطير الشعر الجاهلي، ويمكنكم أن تعرفوا مزيدا عنه وعن باقي الشعراء من المصدر أسفله.
المصدر: