تشهد الجامعات المصرية طليعة كل عام دراسي قدوم أعداد كبيرة من الطلاب الدوليين من كل حدب وصوب، وكل عام دراسي تزداد فيه أعداد الطلاب الوافدين عن العام الذي يسبقه وكأن شيء ما يجده هؤلاء الطلاب الملتحقين بالجامعات المصرية يجذبهم! في بادئ الأمر كان الطلاب الوافدون يجدون في الجامعات المصرية وجهة تعليمية مناسبة نظرا لانخفاض رسوم الدراسة بالإضافة إلى أن التكاليف المعيشية في مصر تعد منخفضة مقارنة بكثير من دول العالم الأخرى، ولكن سرا بجانب تكاليف الدراسة ما جعل تلك الأعداد تزداد رويدا رويدا حتى باتت جامعات مصر تزحم بالوفود الملتحقة بمختلف البرامج الدراسية في مختلف الدرجات الجامعية سنتعرف عليها من خلال هذا المقال على موقع المنحة .
فخلال العام الجامعي 2021/2022 وصل عدد الطلاب الوافدين المُتقدمين للمرحلة الجامعية الأولى في الجامعات المصرية إلى 25701 طالب، بينما وصل أعداد المتقدمين إلى مرحلة الدراسات العليا إلى 10138 باحثا؛ فكيف تكون التجربة التعليمية التي تدفع كل هذه الأعداد إلى الانطلاق نحو جمهورية مصر العربية، وما هي وجهة نظرهم بالتحديد التي تجعلهم يمضون قدما في تلك الرحلة الدراسية!
دوافع الطلاب الوافدين لاستكمال رحلتهم الدراسية في الجامعات المصرية
وفدان من الطلاب الدوليين يتجهون إلى الجامعات المصرية أحدهما للالتحاق بالمرحلة الجامعية الأولى والثاني من أجل إجراء الدراسات العليا؛ وكليهما تسابقهم أحلامهم والتي تختلف ولكنها توحدت في أن تكون مصر هي الوجهة التعليمية لهم.
فالبعض يرى أن عراقة جامعات مصر وخاصة جامعتي الأزهر والقاهرة هي التي دفعتهم لتحديد مصر قبلة دراسية لهم؛ فهم يريدون اسما عريقا يصاحب شهادتهم الجامعية مثل تلك الجامعة الأكبر في العالم، وهي الأزهر؛ فتعد الأزهر ثالث أقدم جامعة بعد جامعتي الزيتونة والقرويين لكنها ظلت على طول القرون مؤسسة تعليمية بينما توقفت الجامعتان الأوليان أزمانا عن كونهما مؤسستين تعليميتين أو أن ينالوا فرصة الالتحاق بجامعة القاهرة لتصبح مؤسستهم الجامعية ثالث أقدم جامعة على الصعيد العربي والتي تخرج منها: (صدام حسين، وياسر عرفات، وطه حسين، والدكتور مجدي يعقوب (الملتحق بكلية الطب البشري)، ويحيى حقي، ونجيب محفوط، وزكي نجيب محمود، وسلطان بن محمد القاسمي (حاكم الشارقة)، وسميرة موسى، وعمرو موسى).
وهناك طلاب يجدون أن المستقبل أولى من الماضي؛ فقد ولى هذا العصر وباتت هناك استراتيجيات تعليمية متطورة وأساليب متقدمة تعتمد على النظام الأكاديمي التطبيقي المتكامل والشامل؛ فتكون الإجابة في هذه النقطة المحورية أيضا هي الجامعات المصرية والتي طورت بنيتها التحتية وجعلتها قائمة على أحدث الوسائل التكنولوجية، ومن هنا أصبح النظام التعليمي المصري يضاهي الجامعات الدولية مطبقا لمعايير الجودة العالمية، بل وجاءت التكاليف الدراسية المفروضة من قبل الجامعات المصرية على الطلاب الوافدين لتجعل كفة الميزان تترجح عليها؛ حيث إنها تعد رمزية مقارنة بالجامعات الدولية.
وبالتالي برسوم منخفضة يستطيع الطالب الوافد أن يلتحق بالجامعات المصرية ويحصل على مستوى تعليمي يساوي المقدم في أفضل الجامعات في العالم لتتوج رحلته التعليمية في النهاية بمؤهل جامعي معتمد عالمي بعدما بات مثقلا في مجاله الدراسي قادرا على الانطلاق بخطى ثابتة وناجحة نحو سوق العمل الإقليمي والدولي.
وقد جعل هؤلاء الطلاب العرب يتجهون إلى جامعات مصر دون أي تردد للحصول على هذا المستوى التعليمي العالمي في قلب الوطن العربي دون الإحساس ببرودة الاغتراب الموجودة في المجتمعات الأوروبية والأمريكية.
جاءت الدراسة في مصر بتطورها هذا لتجنب الطالب العربي برودة الاغتراب في المجتمعات خارج وطننا العربي
فدفأ الوطن العربي لا يزال يحتضنهم داخل دولة عربية لغتها الرسمية هي العربية، كما أن الشعب المصري يعرف عنه أنه ودودا محبا لكل أبناء الوطن العربي وبالتالي يسير الطالب في دروب رحلته الدراسية مستمعا بأجواء مصر وما بها من أماكن ترفيهية وسياحية ويصاحب نيلها في شوارع مفعمة بالحيوية ليلا نهارا دون أن يشعر بأي اغتراب؛ فجميع الطلاب الوافدين يقرون بأن روحا جميلا صحبتهم خلال فترة إقامتهم في مصر.
فهناك بمصر لا يوجد ما يسمى بانعزال الغربة؛ فالمجتمع المصري يسهل الانخراط فيه، كما أن الطالب لا يجد أي فروق ثقافية قد تصيبه بالصدمة مثل المغتربين في المجتمعات الأوروبية.
ولكن هل الدراسة في الجامعات المصرية تعد خالية من أي عيوب ولا يشوبها شائبة! بالتأكيد هي ليست كذلك.
فما هي عيوب الدراسة في مصر؟
هناك عدد من الطلاب الدوليين يتردد في اتخاذ خطوة الالتحاق بالجامعات المصرية حتى بعد معرفة كل المزايا التي ذكرناها، وذلك اعتقادا منهم أن الدراسة في مصر تعد صعبة جدا؛ فالمناهج الدراسية والمقررات مثقلة بالمعلومات والحقائق العلمية لتجعل الطالب ملما بكل تفصيلة داخل مجال دراسته، وتدريب تطبيقي يصاحب هذا التعليم الأكاديمي يمارس فيه الطالب دوره العملي في ميادين العمل المتعلقة بدراسته.
فمثلا دراسة الطب في مصر لا تعتمد على مناهج أكاديمية فحسب، بل وتتضمن تدريبا عمليا يتلقاه الطالب في المستشفيات الحكومية الضخمة والتي يقبل عليها أعداد لا حصر لها من المرضى بمختلف الحالات؛ والطالب مطلوب منه ممارسة دوره الطبي مع هؤلاء المرضى ومذاكرة المقررات الدراسية المفروضة عليه! وعلى غرار دراسة الطب تسير كافة وكل التخصصات المطروحة من الجامعات المصرية والتي تطرح برامج دراسية واسعة النطاق تغطي بها كافة مجالات العلم المختلفة.
وحقيقة الأمر يتلاشى هذا العيب، والذي يعتبره كثير من الطلاب ميزة، بتوافر كافة الإمكانات المادية والبشرية للطالب والتي تيسر عليه النظام التعليمي المصري الأكاديمي والتطبيقي، كما أن هناك باقة من الأكاديميين والعلماء ينيرون للطالب كافة دروبه في مجاله العلمي ويصاحبونه خلال رحلته الدراسية هذه بمرحلتيها الأكاديمية والتطبيقية، وهو ما يجعله يتحصل على علم واسع في مجال عمله وعلى خبرة عملية كبيرة دون أن يبذل مجهودا ضخما أو يشعر بأي صعوبة ومعاناة.
بل الدراسة في مصر جعلت الطلاب مؤهلين لسوق العمل الإقليمي والدولي من خلال رحلة دراسية وصفها البعض بأنها ممتعة؛ فلك أن تتخيل أن تقوم بوظيفتك التي تحلم بها في طور تدريب عملي وأنت لا تزال طالبا، فإنها حقا تجربة فريدة تتميز بها الجامعات المصرية وخاصة أن هذا التدريب سيكون في ميادين العمل ذاتها وليست محاكاة لها كما تفعل كثيرا من الجامعات الدولية الأخرى.
عيب آخر يعتقده بعض الطلاب الوافدين وهي نسب القبول في الجامعات المصرية، ولكن بعدما قامت وزارة التعليم العالي المصرية بتحديد النسب الرسمية النهائية يمكننا القول إن مشكلة نسب القبول في مصر تكاد تكون منعدمة لمعظم الطلاب؛ فهي نسب ليست بالمرتفعة بل ويسهل تحقيقها بكل سهولة، وذلك لأن مصر لا تريد أن تضع أي عقبات أمام الطالب الوافد رغبة منها في أن تجعل نفسها وجهة السياحة التعليمية الأولى في الشرق الأوسط، ووفقا للإحصائيات فهي تنطلق على خطى ثابتة وقوية من أجل تحقيق هدفها الذي بات قاب قوسين أو أدنى.